مناقشة أطروحة الدكتوراه الموسومة ” الثابت والمتغير الثقافي وأثره في استدامة المدن الدينية ” قسم الهندسة المعمارية
تم انجاز أطروحة الدكتوراه للطالب علي داود العطار في قسم الهندسة المعمارية في كلية الهندسة/جامعة بغداد على قاعة محمد مكية عن بحثه الموسوم ” الثابت والمتغير الثقافي وأثره في استدامة المدن الدينية ” وبأشراف أ.د.صبا جبارنعمه و تألفت لجنة المناقشة برئاسة أ.د.بهجت رشاد شاهين وعضوية كل من أ.د.خليل إبراهيم علي و أ.د.سناء ساطع عباس و أ.د. لؤي ملا حويش و تلخص بحثة بما يلي:
احتلت قضية نقدالثابت والمتغيّر في الأبعاد المختلفة موقعاً مميزاً في مسار الفكر البشري، كما دأبت الدراسات الحديثة في العقود الأخيرة في البحث عن الثوابت و المتغيرات في شتىمجالات الحياة الانسانية. فكثير من المدارس المعرفية الحديثة أخذت من مبحث الثابتو المتغير في الأبعاد الحياتية للكيان البشري و نقد الثبات الدائم لمكونات الكيان وترسيخ التغير و التغيير المفهومي و الموضوعي أساساً لتحليل الظواهر المختلفة، مماكان سبباً في بروز الخلل في التنمية المتوازنة واصبح البحث عن ما هو ثابت و ماهومتغير منطلقاً لتكوين الستراتيجيات الموجهة لمسار التخطيط والتنظيم المستدام. كما تعد ثقافة المجتمع العامل الموجه لسلوكياته سواء على مستوى أفراده او بمجموعه. فتنظيم بيئة متلائمة مع طبيعة الخصوصية الثقافية للمجتمع يعد الضمان لتكوين بيئة مستقرة مستدامة. كما لطبيعة المجتمع وعلاقات مكوناته الدور الاساس في تشكيل الهيئة المعمارية للمدينة. إذ إن المجتمع المستدام هو ذلك المجتمع الذي يدوم عبر الأجيال،وهو مجتمع ذو بعد نظر كافي ومرن ولا يمكن هدم دعائمه ونظمه الاجتماعية و كلما تتلائم الاحتياجات الانسانية و بيئته يزداد الضمان لإستدامة المجتمع و ديمومته.
و بما أنّ المدينة تمثِّل انعكاساً صادقاً للمفاهيم والقِيَم والمتطلبات الإنسانية، فقد اهتم البحث بالتغييرات التي تطرأ على تلك القيَم والمتطلبات الإنسانية بمرور الزمن، حتى باتت لكل حقبة زمنية قِيَمُها ومتطلباتُها الخاصة. تلك التغييرات التي تلقي بظلالها على بيئة المدينة مرتبطةً بفعل التطور الذي يضمن للمدينة ديمومتها ونسقها الحيوي.وعند حصول مقومات التغير المفاجئ و المربك كماً و كيفاً يصبح التعامل التحليلي والتنظيمي لتلك المتغيرات ضرورة لتدارك الفوضى الحاصلة.
و من هنا برزت المشكلة العامة للبحث وهي: ( النقص المعرفي حول العلاقة بين الثابت و المتغيرمن الرصيد الثقافي و دورها في تكوين ستراتيجيات الاستدامة للمدينة ). و تتجسد المشكلة الخاصة في: (النقص في المعرفة المتوفرة حول طبيعة العلاقة بين الثابت والمتغير الثقافي و أثره في استدامة المدن الدينية ذات المزارات) فيمكننا القول في مجال الهوية الثقافية العمرانية إن مسألة البحث عن الأصالة الثقافية فضلاً عن الأصالة العمرانية والاجتماعية أصبحت جزءاً من الشعور العام ، مما يشير إلى الرغبة الملحّة لإعادة تكوين الهوية العمرانية للمدينة العربية بشكل عام لتظهر القيمة الثقافية الحقيقية المتلائمة مع الثقافة الحضرية للمنطقة، وذلك عن طريق تأصيل الثقافة الموروثة و تقييم الثقافة الوافدة.
وبناء على ذلك فإن هدف البحث هو: (الوصول الى رؤية واضحة عن الثوابت و المتغيرات في المدن المدن الدينية ذات المزارات و اثر الثوابت والمتغيرات الثقافية فيها و بقدر تعلقه بالبيئة الحضرية و استدامته و تحديد اولوياتها و مدخلاتها).
وعليه يفترض فرضية البحث حيث (هناك اهمية كبرى لترسيخ المعطيات الفكرية (الثقافية) و المادية (طبوغرافية و بيئة و اجتماعية) للمكان من أجل استدامة المدن الدينية ، و لنوع ودرجة العلاقات بين الثابت و المتغير الثقافي تأثير واضح و مباشر في ترسيخ و تحقيق الاستدامة) كما إن الثوابت الثقافية تتكامل مع العوامل المشتركة للمتغيرات الثقافية لتكوّن مسارا موجِّها حينا ومحدِّدا حينا آخر للثقافة الحضرية للمدن الدينية ذات المزارات، للتوصل لحالة مستدامة فكريا و ماديا .
و قد ركزت الرؤى الفكرية العامة في البحث على ضرورة دراسة الثابت والمتغير الثقافي و اثره في استدامة المدن الدينية ذات المزارات، انطلاقا بالبحث من البعد المفهومي ليشمل مفهومي الثابت و المتغير فضلاً عن الثقافة ومعانيها في الفصل الاول و ايضا البعد الموضوعي ليشمل المفهوم العمراني و الثقافي للاستدامة في المدن الدينية في الفصل الثاني، ودراسة معاني الاستدامة من خلال مفاهيمه العامة و تطبيقه في البيئة الحضرية للمدن العربية الاسلامية كي نتمكن من خلال الاطارين المفهومي والموضوعي في الفصول الثلاث التوصل الى مفردات الإطار النظري و تطبيقه لاحقا على اربعة نماذج من المدن الثقافية العالمية بغية دراسة و تقييم المفردات و اثبات امكانيتها في التطبيق و استنطاق المعلومة من خلالها. وبناءً عليه نتمكن من تطبيق الاطارالمستلخص على النموذج المنتخب الذي يتميز بخصوصيات منفردة من حيث تنوع المدخلات والقيم كالتغيرات الثقافية و ترسيخ الاستدامة وكيفية التعامل مع النسيج الحضري سويةً و في مكان واحد.