اعتصر قلبي الألم وانا أقرأ تلك اللافتة السوداء التي تعلقت على احدى الجدران الاسمنتية المحيطة بجامعة بغداد:
(انتقل الى رحمة الله تعالى الاستاذ الدكتور سهام حسن المدفعي…..)
ارجعتني تلك اللافتة الى سني دراستي في قسم الهندسة الكيمياوية – كلية الهندسة – جامعة بغداد وبالذات الى موضوع الصناعات الكيمياوية الذي قام بتدريسه الاستاذ المرحوم سهام المدفعي. كان درساً جميلاً مشوقاً محفزاً لأن فارسه كان يعطي من المعلومات القيمة الكثير. ساعتان من الجديد والخاص بالصناعات المختلفة ترى فيها الطلبة منهمكين بتسجيل كل ملاحظة يقولها. كل ما يقول جاء عن خبرة متراكمة ثرية والطلاب نهمين لها.

في مختبر الصناعات الكيمياوية كانت التجارب طويلة ولكنها ممتعة لأن المشرف على المختبر هو المرحوم سهام المدفعي. لم نكن نحسه استاذاً بل اباً وصديقاً ومعلماً بكل ما للكلمة من معنى.
كانت الابتسامة لاتفارق وجهه وعندما يكون في ممرات القسم فهو لاينفك يحادث طلابه ويمازحهم. كان مصاحباً لنا في سفرة القسم العلمية الى الموصل. في كل معمل زرناه كان السباق ليعطينا ما عنده من معلومات ساندة وكان موجوداً معنا في السفرات الترفيهية يملأ الجو احتراماً ووداً .
عندما عاد الى العراق في زيارة قصيرة التقينا به في القسم وكان لقاءاً اعادنا الى الماضي الجميل وتلك صورة اخرى معه.
قالوا ( من علمني حرفاً ملكني عبداً ) فكيف بمن علمك الالاف من الاحرف والكلمات والجمل والمواضيع. هل تكون هذه الكلمات القليلة هي رد الجميل لأساتذتنا الأفاضل؟ 
يمكن لي ان اكتب الكثير ولكن كل ماقد اكتبه لن يوفيه حقه فسيبقى رمزاً للعلم والتعليم والأخلاق الحميدة.
ادعوا لاستاذنا سهام المدفعي بالرحمة والمغفرة…..
ادعوا لغيره من الاساتذة بالرحمة والمغفرة……..
ادعوا لاساتذتنا الموجودين بالعمر المديد…..
الخسارة كبيرة برحيلهم وتعويضهم صعب جداً….
كلهم شموع تنير طريقنا ولن تكون كل الكلمات كافية بحقهم

دكتور سهام المدفعي رئيس قسم الهندسة الكيمياويه 1969-1970

احدى طالباتك استاذي الفاضل
أ.م.د. بسمة عباس عبد المجيد
رئيس قسم الهندسة الكيمياوية
كلية الهندسة – جامعة بغداد

Comments are disabled.